ثورة على النفس

لا أعلم من أين سأبدأ ولكن من المؤكد أن حال الأمة أصبح لا يسر أى شخص مؤمن بأن هذه أحسن أمة أخرجت للناس.

فبعد الثورات التى شهدتها المنطقة العربية على مدار السنة والنصف تقريبا، والتى مازال لهيبها يمتد ويشتعل يوما بعد يوم أكثر فأكثر ليكسر حاجز الخوف ويحارب فساد أنظمة قمعية.
نهبت وحرمت شعوبها العربية من أبسط حقوقها وثرواتها.

ها نحن اليوم نعانى من مشكلة أخطر، مشكلة تنهب وتقتل هوية المواطن العربى مشكلة تجردنا من الشىء الوحيد الذى قد يجعلنا أقوياء ألا وهى ضياع أخلاقنا، فقد أصبحنا نحتاج إلى ثورة من هذا النوع.

نحتاج إلى ثورة يؤمن بها كل إنسان حر، بل كل فرد خرج وهتف باسم الحرية والكرامة الإنسانية وكل إنسان يؤمن بالقيم والأخلاقيات كركيزة لبناء مجتمع عادل يعلو فيه صوت الحق ويموت صوت الباطل.

لا أحد ينكر أن الثورات العربية جعلت الشباب أكثر إدراكا ووعيا أن المستقبل حتما سيكون أفضل بكثير من الماضى والحاضر أيضا وأن شمس الحرية ستشرق فى كل المجتمع العربى إلا أنه فى الوقت ذاته يراودنا الخوف واليأس أن يضل صوت الباطل الأقوى وأن يموت الحق مع موت مبادئنا وقيمنا التى لا طالما كانت فخرا لكل عربى يؤمن بالوطن والشعب.

لأننا بداخلنا تغيرنا وتغيرت مبادئنا وشهامة المصرى الذى كنا نحكى ونتحاكى بها أصبحت معدومة وليست موجودة.

أصبحنا لا نستمع إلى بعض ولا نحترم آراء بعض أصبحنا جميعا نسئ إلى بعض، ونشكك فى بعضنا البعض، أصبح الشباب تائها وحائرا وضائعا افى صراعات المجتمع التى تتزايد يوما بعد يوم.

حقا شبابنا فى ضياع يوم بعد يوم، متجهين جميعهم فى سير المخدرات فى طريق اللا عودة وهذا الطريق الذى أفسد الأخلاق الذى أضاع المبادئ وأذهب القيم حتى عندما قررنا أن نصبح مجتمعا ديمقراطيا كان مفهومنا للديمقراطية هو الهمجية.

كان مفهومنا للحرية هو علياء المهدى حتى فى فهمنا، لم ندرك الصح من الخطأ وحتى رجال الدين أصبحوا ليس لهم علاقة بأى دين.

إنهم جميعا متأسلمون وليسوا بمسلمين، كنت فى قمة اندهاشى عندما تناقشت مع أنصار مرشح لرئاسة الجمهورية من المتأسلمين فقال لى بالحرف ذلك ( لو مولانا الشيخ طلب نولع فى البلد هكون أنا أول واحد بولع فيها ).

أشعر بحجم المأساة التى نلقاها من عقول هؤلاء فى صعوبتهم الشديده لفهم دين الله.

فأننا لا ننهض أبدا نهضة حقيقة بالبلد وجميعنا بتلك العقول.

فأننا قمنا بثورة ليجتمع الشعب وليس لنتفرق ليس مصر بتركة الكل يريد الورث منها
وأعتقد الآن أننا ندفع ثمن عدم البدء بكتابة الدستور أولا، وسوء إدارة المرحلة الانتقالية.
وفى الختام أود أن أخاطب جيل التكنولوجيا، شباب الفيس بوك، الجيل المؤمن بقضية الوطن والشعب أكثر من غيره من شعوب العالم، نريد من هذا الجيل البطل المؤمن بالقضية الفلسطينية، الجيل الذى أبهر العالم بقوته وشجاعته وصموده أمام رصاص الديكتاتورية إلى الشباب الحالم بإصلاح مصر أن يدرك جيدا أنه حان الوقت لكى نثور على أنفسنا من أجل استرداد حقنا الأساسى والأهم وهى أخلاقنا فهى سلاحنا القوى والأهم من أجل القضاء على فساد من كل نظام تعدى حدود شعبه ووطنه والأهم تعدى حدود الله، فقد حان الوقت لكى نكون قدوة للأجيال السابقة والأجيال القادمة، فبالعلم والأخلاق والأمل سنحارب أعداءنا وأعداء الأمة جمعاء.