هل كان «شرف» ديمقراطياً حينما راح يسأل شباب الـ«فيس بوك»: «إنتو عايزين مين وزراء؟».. وهل كان فى هذه اللحظة يؤكد أهمية المشاركة المجتمعية فى القرارات المصيرية؟.. الإجابة: لا هو ديمقراطى، ولا هو يطلب توسيع دائرة المشاركة.. الحكاية أن الدكتور شرف فوجئ بأنه مسؤول، لأول مرة، عن تشكيل وزارى لا يعاونه فيه «الجمل» ولا يتدخل فيه الجيش!
نعم كانت مفاجأة رهيبة لرئيس الوزراء.. فهو أول رئيس وزراء تقريباً تُترك له المسألة دون تدخل.. لا من رئيس جمهورية، ولا من قوات مسلحة.. ولا من أجهزة سيادية.. ولا من مستشارين.. وهنا أُسقط فى يد الدكتور شرف.. ولم يجد أمامه غير أن يلجأ إلى صفحته، على موقع التواصل الاجتماعى، ويطلب من الناس ترشيح الوزراء.. والمفاجأة الأكبر أنهم قالوا له: «ارحل»!
صحيح أن «شرف» لم يطرح السؤال، بالطريقة التى طرحتها فى عنوان المقال.. هو سأل: «إنتو عايزين مين وزراء؟».. وأنا سألت على طريقتى: «عاوز تبقى وزير؟».. وفى الحقيقة لم أجد فرقاً كبيراً بين الصيغتين.. هو يخاطب شباب الـ«فيس بوك» لترشيح من يصلح للوزارة.. وسؤالى موجه مباشرة للجمهور.. إن كان عاوز يبقى وزير فى وزارة الـ«فيس بوك»؟!
وعلى أى حال لا توجد مشكلة أن يرشح شباب الـ«فيس بوك» أنفسهم، ويعتبروا أنهم أصحاب الثورة.. وهم أولى بإدارتها.. وتولى السلطة فيها.. لتصبح ثورة لها سلطة.. ويحلوا المشكلة.. فالسؤال الذى طرحه رئيس الوزراء لا يعنى أن ترشح غيرك.. ممكن ترشح نفسك.. وبالتالى هو يخاطبك.. هل تحب أن تبقى وزيراً؟.. فكّر بس دى فرصتك.. الوزارة عند أطراف أصابعك!
منذ أعوام كتبت فكرة «مكتب تنسيق الوزراء».. كانت الدولة تتعثر فى كل مرة يحدث فيها تغيير وزارى.. لا تجد وزراء.. لأنها أعدمت الصف الثانى.. ولأنها لم تترك فرصة لظهور الكوادر.. وكانت النتيجة التى ظهرت منذ بداية حكومة عاطف عبيد.. وقيل إنهم سوف يطبقون فكرة معاون الوزير ومساعد الوزير.. وتساءلت يومها: لماذا لا نعمل مكتب تنسيق على غرار الثانوية العامة؟!
أتصور أن الدكتور شرف فى ورطة حقيقية.. هو قال «يدى مغلولة».. وقال إن المجلس العسكرى يتدخل فى كل شىء.. وإنه يخشى على تاريخه.. وقال غير ذلك لشباب الثورة.. قبلها كان قد قرر التخلص من الدكتور يحيى الجمل.. وهو أكبر معاون له فى اختيار الوزراء.. كما تخلص من «الغتيت».. الآن لم يعد هناك من يسأله ولا يستشيره.. وهو الآن يعيش لحظات قاسية!
بلاش أقول إنه غرقان فى شبر ميه.. إذا علمنا أن التشكيلات الوزارية، على مدى تاريخها، كانت تحدث بالتعاون بين رئاسة الجمهورية ورئيس الوزراء المكلف.. وكانت هناك أجهزة سيادية ورقابية تعمل.. وكان دور الشارع فى التشكيلات بلا وجود.. لكن كانت مؤسسة الرئاسة تتصرف والسلام.. فماذا يفعل الدكتور عصام شرف؟.. صدقونى المسألة خطيرة!
هاتوا لى رئيس وزراء سابق.. وكثير منهم أحياء.. يقول إنه كان مسؤولاً عن تشكيل وزارى، ولو بنسبة 50%.. لا يوجد قول واحد.. وخبرة الدكتور شرف من المؤكد أنها معلومة للجميع.. فكيف يقوم بتشكيل وزارى كامل، لأن الثورة أعطت له الصلاحيات كرئيس وزراء؟.. صحيح أن الثوار رشحوا له أسماء.. لكن سيبقى كل ذلك فى رقبته هو.. ولا أحد غيره!