الشعب يريد أن يفرح

إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع مما آلت إليه أحوالنا سواء فى مصر أو فى محيط مصر. أمتنا العربية من سيئ إلى أسوأ استقطاب وانقسام وعنف وغياب للغة الحوار وغياب تام للحكم الرشيد، مزيد من الفقر والبطالة، صراعات قبلية ومذهبية وايدولوجية. غياب تام لفقه الخلاف وثقافة التعايش والشراكة لتحل محلها ثقافة الاقصاء وعدم تقبل الآخر.

انظر حولك لترى وتسمع انقسامات وانشقاقات وتعصب مذهبى وفتن طائفية وعنف ودماء وظلم فى فلسطين وسوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن وتونس وليبيا بدرجات متفاوتة. الحقيقة لا يأتينا خبر يسر من بلاد العرب كلها أخبار تثير الاشمئزاز والإحباط والاكتئاب.

فى القلب من هذه الأمة بلادى الحبيبة مصر وهى أمل الأمة وروحها، مصر التى لا يمكن لامتنا العربية أن تنهض بدونها، وفى قلب كل مصرى بل وكل عربى توجد ثورة مصر السلمية ثورة 25 يناير تماما كما كانت ثورة مصر فى يوليو 1952م.

قلوبنا حزينة بسبب الاستقطاب الحاد الذى أفسد علينا حياتنا والإعلام المضلل والفلول الضالة واستمرار النزيف الحاد لدماء أبنائنا وشبابنا وارتفاع معدلات البطالة والفقر والعنف.

من على هذا المنبر الحر أصرخ بصوت عال من قلب مملوء بالحزن وعيون تدمع تعالو نراجع أنفسنا وترسم معالم لطريق النصر والنهضة بالحوار البناء والاتفاق على عدة أمور ربما تنقذ سفينة الوطن من الغرق وعندها لن ينفعنا الندم. أعتقد أن الغالبية العظمى من الشعب تؤمن بمجموعة مبادئ قامت من أجلها وبها ثورة مصر المجيدة.

أولا: ثورتنا ثورة شعبية شارك فيها أكثر من 20 مليون مصرى من كل الطبقات ومن كل الفئات وأيدها الغالبية العظمى من أبناء مصر والعرب ولا يمكن لأحد كائن من كان أن يدعى أنه الأمين على هذه الثورة فالشعب وحده هو صاحب الحق فى حمايتها وتحقيق أهدافها.

ثانيا: ثورتنا ثورة سلمية لاعنفية ولايمكن الادعاء بأن أعمال الحرق أو القتل أو الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة أو قطع الطرق وتعطيل المواصلات أو تعطيل مصالح الناس أو التحريض على العتف هى من أعمال الثورة أو الثوار بل هى جرائم للثورة المضادة يعاقب عليها القانون.

ثالثا: ثورتنا انتهت إلى الإيمان بالحرية والديمقراطية وبضرورة التغيير حسب اليات الديموقراطية واحترام الإرادة الشعبية الحرة والنزيهة واحترام خيارات الشعب مهما كانت.

رابعا: الحفاظ على هيبة الدولة المتمثلة فى هيبة مؤسساتها المستقلة من أمن وجيش ومخابرات وقضاء وعدم إقحامها فى السياسة وعدم الاعتداء على هيبتها بالفعل أو القول.

خامسا: احترام الإرادة الشعبية فى اختيار دستور للبلاد واحترام الآليات التى وضعها الدستور لتغيير أى من مواده فى أى وقت واحترام الاستحقاقات الدستورية للشعب.

سادسا: الشعب وحده هو من يعطى الشرعية لمن يمثله سواء كان الرئيس أو مجلس النواب ولايجوز نزع هذه الشرعية إلا بالقانون أو صندوق الانتخابات.

سابعا: الجيش حامى الحمى والشرطة ملك الشعب كل الشعب وعلى مسافة واحدة من الجميع، ولا يجب استدعاؤهم للعمل أو الانخراط بالسياسة مرة أخرى بعد انتقال الحكم للشعب.

نعلم أن هناك تجاوزات من الجميع وخطورة هذه التجاوزات أنها تأتى فى مرحلة حرجة بسبب اقتصادنا المتردى والذى وصل إلى حافة الهاوية. هناك تخبط فى مؤسسة الرئاسة، هناك ضعف شديد فى أداء الحكومة، هناك محاولات محمومة لتغليب الثقة على الكفاءة فى اختيار الهياكل الإدارية للدولة، هناك ترسيخ لمبدأ المغالبة على حساب مبدأ المشاركة، هناك تعنت من كل الأطراف، هناك ثورة مضادة عاتية تستخدم كل الوسائل لإجهاض المسار الثورى وتحطيمه ثم الانقضاض على الثورة، هناك انفلات فى الإعلام وفى الأخلاق وفى الألسنة، هناك تهويل ومبالغة فى تصوير خطورة التيارات السيايسية على البلاد سواء كانت إسلامية إو علمانية.

لا مخرج ولا حل إلا بالتمسك بالأصول السبعة للثورة التى ذكرناها والجلوس إلى مائدة الحوار البناء لإصلاح كل التجاوزات واحترام القانون وأحكام القضاء واحترام إرادة الشعب والاحتكام إليها فى كل أمر. نريد أن نفرح بثورتنا وتجف دموعنا والسؤال موجه للنخب السياسية والإعلامية والمخلصين والعقلاء هل هذا طلب مستحيل؟

عاشت مصرنا الحرة قاطرة العروبة إلى النصر والنهضة.